الأحساء (بالنطق المحلّي: الحَسا)؛ هي محافظة سعودية تقع في المنطقة الشرقية، وتبعد عن العاصمة الرياض 328 كلم.[1] تبلغ مساحتها 379,000 كم²، أي ما يُعادل 20% من أراضي المملكة العربية السعودية،[2] وتُغطّي صحراء الربع الخالي نحو ثلاثة أرباع المحافظة، بينما تُمثّل المنطقة المأهولة بالسكان والأنشطة 18% من إجمالي مساحتها،[3] وتتمثّل في مدينتي الهُفوف والمبرَّز، وهما ضمن أكبر عشر مدن على مستوى المملكة،[4] إضافة إلى أربع مدن رئيسة و22 قرية. وبحسب إحصاءات عام 2017، تصدّرت الأحساء محافظات المنطقة الشرقية في عدد السكان بحوالي 1,041,863 نسمة.[5]
تُمثّل الأحساء مشهدًا ثقافيًا مُتجدّدًا عبر تاريخ امتدَّ لأكثر من 6000 سنة، بسبب وفرة مياهها وخُصوبة أراضيها،[6] وأقدم سُكانها هم من الكنعانيين الذين سكنوا المنطقة منذ 3000 سنة قبل الميلاد، ومن سلالتهم العمالقة الفينيقيون الذين اشتهروا بأعمال الرّي والزراعة وهو ما يتناسب مع ظروف المنطقة.[7] تبعهم الكلدانيون في القرن السابع قبل الميلاد عند نزوحهم من أرض بابل سنة 694 ق م،[8] وأسَّسوا مدينة الجرهاء - الجرعاء، حيث قامت على أنقاضها هجر ثم الأحساء اليوم التي تضم مجموعة من المواقع الأثرية، ومجموعة من المدن المُندثرة مثل واسط، الناظرة، جواثى.[9][10]
في يونيو 2018، انضمت محافظة الأحساء إلى قائمة التراث الإنساني العالمي باليونسكو، باعتبارها مستوطنة كُبرى على مدى 500 عام مضت، ضمت بساتين النخيل والقنوات والعيون والآبار، ومناطق أثرية ومجموعة من التراث العُمراني داخل مستوطناتها التاريخية، وفي 2019 اختيرت الأحساء عاصمة للسياحة العربية، وهي أيضا عضو في شبكة اليونسكو للمدن الإبداعية في مجال الحرف اليدوية والفنون الشعبية.[11][12] تضم الأحساء عددًا من المعالم مثل سوق القيصرية التراثي، المدرسة الأميرية، مسجد جواثى التاريخي، قصر إبراهيم وبيت البيعة، إضافة إلى واحة نخيل الأحساء التي تحوي عددًا من المباني والمواقع التراثية والطبيعية.
تزخر الأحساء بالعديد من المعالم الطبيعية، التي تَشمل الجبال والعيون، ومن أهم الجبال هو جبل القارة، وتزخر كذلك بالعيون الطبيعية العذبة التي كانت تسقي وتروي قرى وهجر الأحساء، وكانت تستخدم للزراعة وشكلت جزءاً من ثقافة الأحساء، ولعل أهم وأكبر عيونها هو عين الحقل، وعين الجوهرية، وعين الحارة، وعين الخدود. كذلك تتميز الأحساء طبيعياً ببحيرة الأصفر، التي تعد من أكبر التجمعات المائية في منطقة الخليج العربي، وتحولت إلى محمية طبيعية. وكذلك تزخر الأحساء بالعديد من المعالم التاريخية والأثرية، مثل القصور والقلاع، والمساجد التاريخية، والمدارس التراثية. ونتيجة لهذا الثراء التاريخي والأثري، يوجد في الأحساء العديد من المتاحف الأثرية والتراثية، التي تضم وتشمل عن ثقافة وتاريخ الأحساء.
تضم الأحساء العديد من الحدائق والمنتزهات الحديثة الترفيهية، والأسواق الشعبية الأسبوعية اليومية، ومنها الأثرية مثل سوق القيصرية الذي يبلغ عمره ستة قرون، وقد نظمتها أمانة الأحساء بمواعيدها وتوقيتاتها.
في عام 2019، قرر المجلس الوزاري العربي للسياحة، اختيار مدينة الأحساء عاصمة للسياحة العربية لعام 2019، إذ استوفت كافة الشروط المرجعية التي اعتدها المنظمة العربية للسياحة.
تقام في الأحساء العديد من المهرجانات الثقافية والترفيهية سنوياً، ومنها منذ سنين، مثل «مهرجان ويا التمر أحلى».
وعادة ما يقبل أهالي محافظة الأحساء وزوارها، على عين الجوهرية، في الصيف، للاستمتاع بالسباحة في مياهها الباردة، ولمواجهة حرارة الشمس التي تتجاوز ال40 درجة مئوية.[34]
تعد الأسواق الشعبية في الأحساء من معالمها البارزة، بسبب قدمها وكثافتها وحجمها وتنوعها واشتماله على كل ما يحتاجه الإنسان في متطلبات حياته، ويتقصدها المواطنون من داخل وخارج الأحساء، وحتى من دول مجلس التعاون الخليجي، وتتوفر فيها الأدوات التراثية والمنتجات المحلية والسلع المستوردة بكل أنواعها، وفيها المنتوجات التقليدية بكل أنواعها وأغراضها، والمأكولات الشعبية، والأدوات القديمة، إلى جانب الملابس والخضار والفواكه والتمور والطيور والدجاج والأرانب والبط والنباتات والمواد الغذائية والاستهلاكية والأجهزة والأواني والفرش. ويوجد 36 سوقاً أسبوعياً في الأحساء، وعدد الباعة الذين يبيعون في هذه الأسواق كل يوم من أيام الأسبوع بلغ 4143 بائعاً، وأكثر أيام الأسبوع باعة يوم الخميس الذي بلغ عدد الباعة فيه 1305 بائعين من الجنسين، وأعمار الباعة في هذه الأسواق تتراوح ما بين 17 إلى 70 عاماً ويبلغ المتوسط الحسابي لهذه الأعمار قرابة 37 سنة وأكثر الأعمار تكراراً بينهم هو سن 45.[206]قائمة بالأسواق الأسبوعية في الأحساء:
تملك الأحساء عضوية في شبكة المدن الإبداعية بمنظمة اليونسكو فيما يخص المجال الإبداعي الخاص بالحرف اليدوية والفنون الشعبية منذ نوفمبر 2015م، وهي ثالث المدن العربية انضمامًا للقائمة وأولها خليجيًّا، ويأتي اختيارها عضو شبكة اليونسكو لاهتمام الأحساء في مجال الحرف اليدوية الفنون الشعبية واعتبارها عامل استراتيجي نحو تحقيق تنميةٍ مستدامةٍ في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية.[207] وتعد الصناعات الريفية التي تعتمد على أشجار النخيل في الدرجة الأولى من أشهر الحرف اليدوية في الأحساء، فمن جذوعها تصنع الأبواب والمكانس الناعمة والحبال، ومن الخوص تصنع السفرة والمفارش والزنابيل والمقاصف والأطباق الخاصة بالفاكهة وأواني تعبئة التمور،[208] إضافة إلى حرفة الخرازة ويسمى المهتم بالصناعات الجلدية باسم الخرّاز، وهو الذي يحضر الجلود وينظفها ويدبغها ثم يصنع منها الدلاء والأحذية والحقائب والأحزمة الجلدية والسيور، وتعد حرفة حياكة البشوت من الحرف التي حافظ عليها الأهالي في الأحساء حتى اليوم،[209] بإنتاج نوع خاص من البشوت يسمى النوع الحساوي وهو الذي يحاك بطريقة يدوية، كذلك اشتهرت الأحساء قديمًا بالحدادة وهي من الحرف القديمة التي اندثرت وتقوم على تحويل كتل الحديد إلى أدوات عملية أو منزلية كالمسحاء والقلة ويستعملان في البناء والزراعة، إضافة إلى صناعة «مبيض النحاس» الذي يقوم بتبييض النحاس من الأواني المنزلية ويلحم مابها من خدوش أو شقوق ويحول قطع الصفيح إلى أدوات نافعة، وكذلك عملية استخراج اللآلئ من أعماق البحار، وهو عمل جماعي يقوم به البحارة على السفن الخاصة تحت قيادة النواخذ قديما.[210]
في يوليو 2018م تقدمت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني برفع ملفا لليونسكو تحت عنوان «الأحساء مشهد ثقافي متطور»، وكانت هذه هي المرة الأولى التي تستقبل فيها اليونسكو ملفًا لمساحة زراعية بهذا الحجم، حيث تبلغ مساحة واحة الأحساء 160 كم²، وهي بذلك أكبر واحة زراعية مرويَّةٍ في العالم، إضافة إلى كونها صامدة وحية وتتجدد مع كل المعطيات وشاملة مدن ومجتمعات حضرية وعيون الماء، وتطل على مياه الخليج العربي من جانب وصحراء الربع الخالي من جانب آخر.
ساهمت الواحة في إبراز القيمة الطبيعية والتراثية في المنطقة، بخاصة في ظل حفاظها على تنامي مساحتها الزراعية واعتمادها على نظام ري شبه تقليدي،[211] إضافة إلى احتوائها على العيون التي تساعد على ضخها شبكات هيئة الري والصرف مثل عين نجم وعين أم سبعة وعين الحارة والتي يستفاد من مياهها الكبريتية أيضا في علاج بعض الأمراض، وعيون المياه الباردة مثل الجوهرية والخدود والبحيرية.
تضم الواحة أكثر من ثلاثة ملايين نخلة تنتج نحو 60 صنفًا من أنواع التمور وهي المنتج الرئيس للتمور في المملكة ودول الخليج العربي، مما أهلها للمشاركة في المنافسات الدولية لعجائب الدنيا السبع وحصولها على المركز السادس من بين 277 موقعا حول العالم في مسابقة تشرف عليها منظمة اليونسكو.[212]
ضم ملف الأحساء 12 مكونًا مقسمة على ثلاثة أقسام حسب طبيعتها، المجموعة الأولى تضم المواقع ذات المكونات الطبيعية وهي الواحة الشرقية والواحة الشمالية واحة السيفة وبحيرة الأصفر، والمجموعة الثانية ضمت المواقع الأثرية وهي عين قناص وموقع جواثى، فيما ضمت المجموعة الثالثة مواقع ذات قيمة تراثية وهي قصر إبراهيم وقصر صاهود ومسجد جواثى وقصر خزام وسوق القيصرية ووسط مدينة العيون القديمة.[213]
في عام 2019، قرر المجلس الوزاري العربي للسياحة في اجتماع دورته الواحدة والعشرين، التي أُقيمت في الأسكندرية، بحضور وزراء السياحة العرب ورؤساء المنظمات والاتحادات العربية، باختيار مدينة الأحساء عاصمة للسياحة العربية لعام 2019، وذلك لأنها استوفت كل الشروط المرجعية التي اعدتها المنظمة العربية للسياحة.[214]